الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
فتن هذا الزمان وكيفية مقاومتها
15065 مشاهدة
وصية وخاتمة

إن سبيل النجاة واحد، وهو صراط الله المستقيم الذي قال فيه جل وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [سورة الأنعام، الآية: 153] .
وقد ثبت: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خط خطا مستقيما وخط عن يمينه ويساره خطوطا ملتوية وقال: هذا سبيل الله - أي سبيل الله الموصل إلى النجاة- وهذه الخطوط التي عن يمينه ويساره سبل الشياطين، ثم قرأ قول الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ رواه أحمد والدارمي .
وقد مثلها بعض العلماء بجريدة النخل التي تتدلى إلى أن تصل إلى الأرض، فلو أن مثلا حشرة من الحشرات صعدت على هذه الجريدة، وسارت على أصل الجريدة، ورَقَت، إلى أن وصلت إلى أعلى النخلة لتأكل مما تريد فإنها تكون ناجية، وأما إذا ركبت السعف (الخوص الذي عن اليمين وعن اليسار) فإنها كلما ركبت خوصة، وصعدت عليها قليلا، هوت وسقطت!
فهكذا سبيل الله، وهكذا سبل الشيطان، فسبيل الله واضح وهو الصراط المستقيم.
ونحن في زمن الغربة الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء رواه مسلم .
وذكر في تفسير الغرباء عدة روايات ومن هذه الروايات: هم الذين يفرون بدينهم من الفتن فكلما وقعت لهم فتنة في المال أو البدن أو الدين فروا بأنفسهم، ونجوا بدينهم كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: إنه في آخر الزمان يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شغف الجبال، ومواضع القطر، يفر بدينه من الفتن .
فالذين يفرون بدينهم من الفتن هؤلاء غرباء، وهم الذين دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: فطوبى للغرباء .
فالمسلم ينجو بدينه ويقدمه على كل شيء، كما ورد في بعض الأحاديث: إذا أتتك فتنة فقدم مالك، فإن جاوزت المال فقدم نفسك دون دينك .
فهذه الوصية نأمل أن يحملها المسلم أحسن محمل، نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ونعوذ به من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ونسأله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبسا فنضل، ونسأله سبحانه أن يمكن لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يعيذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، والله تعالى أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.